بسم الله و الحمدلله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من ولاه
أما بعد :
إذا حضرت العائلة الى المطار لإستقبال حبيبهم الغائب عنهم منذ مدة طويلة كيف سيكون شعورهم إذا تم الإعلان في المطار أن الطائرة الفلانية وصلت؟؟ سيفرح الأب و تفرح الأم و الزوجة و الأبناء كلهم سيفرحون بقرب لقاء الحبيب. طيب هم الأن ما رأوه,لماذا كل هذه الفرحة فقط عند إعلان وصول الطائرة نعم إنهم لم يروه حتى الآن لكن مجرد الإعلان عن وصول الطائرة له فرحة خاصة لأن هذا الإعلان يخبرني بقرب لقاء المحبوب سبحان الله, كذلك الأذان يبشرني بقرب لقاء الله في الصلاة و الوقوف بين يديه و هو أعظم محبوب لهذا فصوت الأذان و الترديد خلفه يشعرني بالفرحة في كل مرة أسمع فيها الأذان. قال رسول الله صل الله عليه و على آله و سلم : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه) . الله أكبر ما أحلى هذا الأذان لذلك تجد الذين يحبون الله تعالى يذهبون بسرعة إلى المساجد فور سماعهم للأذان و تجد المرأة تقوم لأداء الصلاة فور سماعها الأذان و لا تنتظر آخر الوقت لماذا ؟؟
ليس لأن الصلاة تكليف يجب أن نقعله فقط ، لا بل لأننا مشتاقون لله تعالى، أنظروا إلى موسى عليه السلام لقد واعده ربه لكي يأتي مع قومه للقاء الله تعالى فقام موسى و استعجل وجاء قبل قومه و طلب منهم أن ينتظروه فسبقهم و جاء قبلهم فقال الله تعالى له : (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يَا مُوسَىَ ) أي يعني لماذا أتيت قبلهم فقال موسى عليه السلام وَعَجِلتُ إِليكَ رَبِي لِتَرضَى أي استعجلت في الوصول مبكرا لكي ترضى عني سبحان الله ، إذا استعجل أنت إذا ناداك الله لكي يرضى فإذا رضي هو رضيت أنت قال تعالى : (رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّه ) ، و بالمقابل إن الذين قلَّ حبهم لله يتباطؤون و يتثاقلون عن الصلاة كما قال تعالى ( وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلًا ) وأما أنت فلا يمكن أن تكون هكذا لأنك تحب الله تعالى
أما اللذة الثانية التي يمكنك أن تشعر بها أثناء عبادة الأذان فهي لذة إنتقام وتشفي
أي إنتقام ؟؟ هذا أذان ما دخل الإنتقام في الموضوع؟ طبعاً، يمكنك أن تشفي غليلك بهذا الأذان ـ الآن من هو عدوك الذي لا يدعك تخشع في الصلاة ولا تتلذذ بالعبادة و يحاول أن يفرق بينك و بين زوجتك و بين أصحابك و أحبابك بالتحريش وغيره من هو ؟؟ إنه الشيطان طبعاً، طيب الأذان يضرب الشيطان قال رسول الله صل الله عليه و على آله و سلم : ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان ) و ذلك يعني لشدة غيظه و حقده على هذه العبادة فأنت جزاكَ الله خيرا قم بطرده أثناء الترديد خلف المؤذن و هذا يزيد في غضب الشيطان و أذيته فانتقم لنفسك إنتقم مقابل السنوات الطويلة التي كان يزعجك فيها بالصلاة والله هذا شعور جميل أثناء عبادة الأذان أن تستشعر التشفي من عدوك و عدو الله تعالى ، و بالمناسبة الله عز وجل يحب منك أن تغيظ عدوه قال تعالى ( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ ) فإذا كنت تستطيع في كل يوم أن تغضب الشيطان و تهينه و تطرده خمس مرات في الترديد خلف الأذان فلما لا تفعل ذلك؟ خذ راحتك ـ
الله أكبر الله أكبر
أشهد أن لا إله إلا الله
أول كلمة تسمعها في الأذان : الله أكبر فماذا تعني لك هذه الكلمة إذا سمعتها ؟،
الله أكبر إذا سمعتها و أنت في تجارتك فإنها تقول لك بأن الله أكبر من تجارتك فاترك تجارتك و اذهب إلى الله ، و إذا سمعتها بين أهلك و ولدك فهي تقول لك أن الله أكبر و أهم من أهلك وولدك اتركهم الآن و اذهب إلى الله ، الله أكبر إذا سمعتها و أنت نائم فهي تقول لك أن الله أكبر من فراشك اتركه و اذهب إليه سبحانه ، الله أكبر من اللعب ، الله أكبر من المسلسلات و المباريات ، الله أكبر من عملك و وظيفتك و كل شيء ، و لهذا يكررها عليك المؤذن أكثر من مرة الله أكبر الله أكبر الله أكبر ست مرات في الأذان يعني كأنه يقول لك هيا قم فإن الله أكبر من كل هذا الذي تشتغل به عن الله، الله أكبر الله أكبر ـ
ثم العبارة الثانية في الاذان هي أشهد أن لا إله إلا الله هل تساءلت مرة من المرات لماذا ؟ لماذا لا إله إلا الله لماذا لم يكن الأذان الله أكبر الله أكبر ثم حي على الصلاة و تأتي بعدها حي على الفلاح ثم بعدها أشهد أن لا إله إلا الله لكنه ما قدّم الصلاة في الأذان مع أن الصلاة هي موضوع الأذان فالأذان نداء للصلاة لكنه قال في البداية أشهد أن لا إله إلا الله ثم بعد ذلك أتت الدعوة للصلاة لماذا؟ الجواب : لأن كلمة لا إله إلا الله هي كلمة الإخلاص لله الإخلاص يكون قبل الصلاة و ليس بعدها فكما أن الإخلاص يكون قبل الصلاة فكذلك الأذان لا إله إلا الله تكون قبل حي على الصلاة، قبل أن تقوم إلى الصلاة يجب أن تتأكد هل تقوم لله أم أنها مجرد عادة؟ هل ستقوم لأنك لا تعبد إلا الله أو رياء لأجل الناس لأجل أن يقولوا فلان مصلي أو من أجل أن لا يعاقباك والداك أو لسبب آخر ؟؟
كلمة الإخلاص لا إله إلا الله تذكير لك بالإخلاص قبل أن تصلي ، بل حتى أشهد أن محمد رسول الله صل الله عليه و سلم تأتي هذه الكلمة قبل حي على الصلاة لماذا ؟ لأنها تذكير آخر مهم بأن تكون صلاتك مطابقة لصلاة النبي صل الله عليه و على آله و سلم بلا زيادة ولا نقصان حتى لا تكون صلاتك باطلة يقول النبي صل الله عليه و على آله و سلم ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) فإذا ثبت ذلك في قلبك ستسمع بعد ذلك في الأذان حي على الصلاة حي على الفلاح ـ لاحظت المقدمات ؟ سبحان من إختار ألفاظ الأذان بهذا التناسق العجيب ، يقول ابن القيم : فـ لله في أحكام العبادات أسرار لا تهتدي العقول إلى إدراكها على وجه التفصيل ـ

أخي الكريم أختي الكريمة، ليس هذا فقط بل هناك جمال حتى في الترديد خلف المؤذن ، نعم كلنا نعلم أنه من السنة أن تقول مثل ما يقول المؤذن إذا قال الله أكبر تقول الله أكبر إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله تقول أشهد أن لا إله إلا الله ، إلا في قول المؤذن حي على الصلاة أنت لا تقول حي على الصلاة بل تقول لا حول و لا قوة إلا بالله و كذلك إذا قال حي على الفلاح تقول أيضاَ لا حول و لا قوة إلا بالله ، لماذا هنا بالذات ؟؟ الجواب : هذا ربط بين العبادة و الإستعانة ألست في الفاتحة تقول إياك نعبد و إياك نستعين؟ كذلك في الأذان تقول أشهد أن لا إله إلا الله يعني لا نعبد إلا الله و ماذا بقي الآن بقي إياك نستعين نقول حينما يقول المؤذن حي على الصلاة لا حولو لا قوة إلا بالله يعني أنني أستعين بحول الله و قوته على إجابة نداءك أيها المؤذن وهذه قمة الإستعانة فتطابق سبحان الله تطابق الأذان مع الفاتحة تطابق عجيب يكمل فيه بعضهم بعضا ـ