بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد ..........
يروى ان نجارا ماهر كان لامثيل له فى روعة صنعته وقد تقدم به العمر وطلب من رئيسه فى العمل وصاحب المؤسسه ان يحيله الى التقاعد ليعيش ماتبقى من عمره مع زوجته واولاده
فى البدايه رفض صاحب العمل طلب النجار وحاول ان يغريه للاستمرار فى عمله عن طريق زيادة راتبه
الا ان النجار رفض وأصر على طلبه
وعندما لم يجد صاحب العمل مفر من اجابة طلبه حاول ان يحصل على مكسب اخير من هذا النجار
فقال له: لى رجاء اخير , اريدك ان تبنى منزلا اخيرا تربح منه المؤسسه ثم بعد ذلك سوف احيلك للتقاعد
وافق النجار وهو كاره وبدأ فى عمله
ولعلمه ان هذا هو البيت الاخير الذى سيبنيه لم يحسن النجار صنعته فيه
واسرع فى الانتهاء هكذا دون تحقيق الجوده المعروفه عنه فى السابق
وعندما اننتهى النجار العجوز من البناء
سلم صاحب العمل مفاتيح المنزل الجديد وطلب منه الان السماح بالرحيل كما هو الاتفاق
إلا ان صاحب العمل فآجأه وقال له هذا المنزل هديتى لك
تعويضا عن بيتك القديم المتهالك ونظيرا لعملك مع المؤسسه باخلاص وتفانى
النجار صعق من المفاجأه
لو كان يعلم هذا النجار انه سيبنى هذا المنزل لنفسه لما توانى فى الاخلاص فى اداء العمل
سبحان الله...........
اخوانى واخواتى ..........
فى كل حلقه من حلقات البرنامج كنا نتكلم عن كيفية استشعار حلاوة عباده معينه
اليوم الامر مختلف
سنتكلم عن عباده اذا اتقنتها فسوف تتلذذ بجميـــــع العبادات وعلى هذا فيمكنك ان تعتبر هذه الحلقه من اهم حلقات البرنامج
هذه العباده هى* الاخلاص *
اذا طبقت قوانين الإخلاص فستعيش * احلى حياه *
ليس مع العبادات فقط بل مع كل حركة فى حياتك
اذكر أننا اقمنا فى السابق دوره عن الاخلاص
يقول احد المشاركين فيها : والله لذة الاخلاص لاتوصف
اليوم اول مره اعرف انها هكذا
شخصا آخر كان يبعث لى برساله فى الهاتف يقول فيها : انا الآن فى قمة السعاده والله هذه هى حلاوة الايمان
اخر مشاركه اسمحولى انقلها لكم هى من احد الشباب يقول : والله إن الاحساس لاتصفه الكلمات , اذا كانت هذه هى البدايه فكيف بما سيأتى
انتهى كلامه
اى والله ماأحلى الاخلاص
صدقنى لن تجد شيئا فى قلبك أحلى ولا ألذ من الاخلاص
الاخلاص .....
ان تكون اعمالك كلها لله وعباداتك كلها لله ,,, لارياء ولاسمعه
فأنت تحسن الى والديك سواء فضلونك على اخوانك او اخواتك او انهم فضلوا اخوانك عليك ,,,,,, لايهم
انت تتصدق على الفقراء سواء عرف الناس او لم يعرفوا
اهم شيئا يكون الله تعالى قد علم به
اهم شيئ ان الملائكه سجلت عملى
ثم بعد ذلك ..... لايهمنى احد
لاتظهر حسن اخلاقك مع اصحابك او اهل زوجتك لكى يحبوا التعامل معك
لااااااااا ..... بل اظهر لهم حسن اخلاقك سواء احسنوا اليك ام لم يحسنوا
اهم شئ هل الله عز وجل راضى عنى ام لا ؟
اذا كنت قد أرضيت الله فكل شئ سواه لايهم
إذا صحَّ منكَ الودُ فالكلُ هينٌ *** وكلَ الذي فوقَ الترابِ ترابُ
فليتُكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ *** وليتكَ ترضى والأنامُ غِضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامر *** وبيني وبين العالمين خرابُ
اى والله ..........
مالذى تريده من الناس؟
اهم شئ ان تدخل انت الجنه
حتى لو مامدحك احد
مايهم
سواء عرف المدير انك مجتهد أم لا
سواء عرف المسؤول انك لم تخطء أم لم يعرف
فى النهايه.....
ألست متأكدا ان الله تعالى يعلم عنك ؟
بس ,,,
هذا هو المطلوب
المخلوق لن يعطيك قدرك , لن يعطيك حقك
اما ربنا سبحانه , فهو اكثر من يعلم عنك ويعلم ماذا تستحق وهو سيعطيك اكثر مما تستحق
قال تعالى ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )
إذا كنت دائما تفكر بهذى الطريقه ,,, فلن يحزنك شئ
ولن تهتم لاى احد لم يعطيك قدرك
لانك اصلا اصلا لن تعمل لاجله
وقليل من الناس من يعيش هكذا
لانك كثيرا من الناس يحسن الى اهله ,
يحسن الى والديه , او الى اصحابه
يحسن فى العمل ثم لايجد التقدير فيتوقف عن الاحسان
والمفروض انه لا يتوقف
لماذا ؟
لانه اصلا لم يعمل لاجلهم
بل لاجل ان يحصل على ثواب هذا الاحسان
فاهم شئ هل انت حصلت على اجرك من الله ام لا
اذا كنت قد حصلت عليه فالامر قد انتهى
هذا هو الاخلاص
ان تكون اعمالك كلها لله بدون ان تعملها لاجل اى شئ آخر
هل سألت نفسك مرة :ماذا سيحدث لى اذا اخلصت ؟
أولا :
الاخلاص ليس على درجة واحده بل على درجات
فإذا زاد الاخلاص فى قلبك فإنك ستعامل معامله خاصة من الله تعالى
لا كغيرك من الناس
وهذه المعامله الخاصه تكون فى ثلاثة امور.........
اولا :
الاعمال الخالصه التى ستعملها باخلاص ستحصل مقابلها على حسنات اكثر من غيرك
حتى لو كان هذا الشخص قد عمل مثل عملك بالضبط فستحصل انت على اجر اكبر
قال عبد الله بن المبارك : كم من عمل صغيـــــــر -< عظمته النيه
وكم من عمل كبير -< صغرته النيه
فاالصحابه كانوا يفعلون مثل الافعال التى يفعلها كثير من اهل زماننا هذا
ولكن اجورهم اعظم
لماذا؟
لأن الذى كان فى قلوبهم كان اعظم
قَالَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : «لاَ تَسبُّوا أَصحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصيفَهُ».
يعنى لو انفقنا مثل جبل احد ذهبا فلن نساوى بالاجر مثلما انفق هو بكمية مُد اليد من صدقه ولا حتى نصف المُد
لهذا قال المزنى رحمه الله تعالى : ابوبكر رضى الله عنه ماسبقهم بكثرة صيام او صلاه , ولكن بشئ وقر فى صدره
اما المعامله الخاصه الثانيه التى تكون للمخلص :
انه حتى لو وقعت السيئات فإنه يُتجاوز عنه اكثر من غيره
له معامله خاصه حتى اذا وقعت السيئات
قال بعض العلماء : والنوع الواحد من العمل قد يفعله الانسان على وجه يكمل فيه اخلاصه فيغفر فيه كبائر
كما ذكر النبى (صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ )عن البغى ,,, عن البغى من بنى اسرائيل التى سقت كلبا فشكر الله لها فغفر لها
يقول العلماء : لقد حضر فى قلبها _فى قلب هذا البغى_ من الاخلاص مالا يعلمه الا الله تعالى لهذا غُفر لها وإلا فليس كل بغى سقت كلبا يُغفر لها
ان من العدل ألا يعامل الناس جميعا معامله واحده
بل كل انسان يعامل بحسب قلبه
فانظر ماذا كان حال قلبك أثناء المعصيه وعلى أساسها ستكون المحاسبه
قال ابن القيم رحمة الله عليه :
( الكبيرة من الكبائر قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها مايُلحقها بالصغائر
وقد يقترن بالصغيره من قلة الحياء وعدم المبالاه وترك الخوف والاستهانه بهذى الصغيره مايلحقها بالكبائر بل يجعلها فى اعلى رتب الكبائر
هذا امر مرجعه الى مايكون فى القلب
يقول بن القيم : (((( فإنه يُعفى للمحب ولصاحب الإحسان عن العظيم مالا يُعفى لغيره ,
ويُسامح بما لايُسامح به غيره
انظر الى موسى عليه السلام ......
رمى الالواح التى فيها كلام الله فكسرها ,,,
وجر لحية نبى وهو هارون عليه السلام ,,,
ولطم عين ملك الموت ,,,
وعاتب ربه فى ليلة الاسراء فى محمد (صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ )......
وربه تعالى يحتمل له ذلك ويحبه ويكرمه ويدلـله
لانه قام لله مقامات عظيمه فى مقابلة فرعون
وعالج بنى اسرائيل اشد المعالجه
فكانت هذه الامور كالشعره فى البحر
ولكن انظر الى يونس عليه السلام ........
حيث انه لم يكن له مثل هذه المقامات التى كانت لموسى عليه السلام ,,
فلما غاضب ربه مره اخذه سبحانه فسجنه فى بطن الحوت ولم يحتمل له مااحتمل لموسى
وفرق بين من اذا اتى بذنب واحد ولم يكن له من احسان المحاسن مايشفع له
وبين من اذا اتى بذنب جاءت محاسنه بكل شفيع
كما قيل : واذا الحبيب اتى بذنب واحد ,,, جاءت محاسنه بألف شفيع
وكلما كان توحيد العبد اعظم
كانت مغفرة الله له أتم ))))
انتهى كلام بن القيم رحمة الله عليه
وأما المعامله الخاصه الثالثه التى يعطيها الله تعالى للمخلص :
فهى السعاده التى سيشعر بها فى الدنيا قبل الآخره
قَالَ رسول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ : " مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ "
لقد كان الصالحون فى السابق يحرصون على ألا يحس بعبادتهم أحد إلا الله
فى إحدى المرات بكى أيوب السختيانى من خشية الله تعالى
فأخذ بأنفه وقال : ربما هذا زكام _لايريد ان يعرف احد انه يبكى _
مره من المرات بكى فحاول ان يوقف بكاءه فلما لم يملك نفسه قام لكى لايعلم به أحد
يقول محمد بن واسع لقد ادركت رجالا كان الرجل يكون رأسه ورأس إمرأته على وساده واحده وهو قد بلل ماتحت خده بالدموع ولاتشعر به امرأته
ولقد أدركت رجالا كان أحدهم يكون فى الصف فتسيل دموعه على خديه ولا يشعر به الذى الى جنبه
الله أكبر ..........
استمعوا اليهم الآن فى المساجد كيف انهم يصرخون صراخا بالبكاء
والأولى ان يخفى الإنسان طاعته
قال رسول الله (صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ ): (إن الله يحب العبدَ التقيَّ الغنِيَّ الخفيَّ)
خفـــــــــــــاء ,, مايشعر به احدا
اخوانى واخواتى ....
إذا علمنا كل هذا : فما المانع ان نُخلص لله تعالى
إن الاخلاص ليس فيه جهد بدنى ولاتعب
انت لاتحتاج ان تركض من اجل ان تُخلص
يعنى بقية العبادات تحتاج الى جهد كالصلاه والصيام
أو الى نفقه كالصدقه
أو الى سفر وتعب كالحج
ولكن الاخلاص لايحتاج الى كل هذا
المسأله تحتاج الى نيه فقط
ولكن توجد مشكله لدى بعض الناس
وهى انه دائما يشعرون ويخيل اليه انه يرائى ,,, يرائى
دائما يقول له الشيطان انت لست مخلصا
وهو قد تعب من ذلك
فماذا يفعل ؟؟؟؟؟؟
سنذكر الحل مع علاج كاااااااااامل لمشكلة الرياء
لكن اسمحولى ان يكون ذلك فى الحلقه القادمه بإذن الله تعالى